في عالم تحتدم فيه المنافسة، تبقى الخلطة السرية للتفوق كامنة في المورد البشري، والقدرة على الاستثمار فيه، لإخراج أفضل ما لديه من مواهب وقدرات، عبر توظيف قابلية الانسان العظيمة للتعلم، واكتساب المهارات والمعارف والسلوكيات.
وتمثل عملية تحديد الاحتياجات التدريبية نقطة أساس جوهرية؛ للانطلاق في عملية تطوير قدرات رأس المال البشري، ليحقق أهداف الشركة.
محتويات المقال
ماهي الاحتياجات التدريبية Training Needs
يمكن تعريف الاحتياجات التدريبية بأنها مجموعة التغيرات والتطورات المطلوب إحداثها بغرض تحقيق التوازن بين أداء الفرد و وظيفته وأهداف منظمته.
لماذا نحتاج للتدريب في الشركات؟
سمعت أكثر من مرة من بعض المديرين: لماذا أنفق كل هذه الأموال لتدريب الموظفين؟
أليس الأولى أن أوفر كل هذه التكاليف وأوظف أشخاصا مؤهلين؟
أعتقد أن هذا المفهوم قديم، ولم يعد مجديًا اليوم، كما أن فيه ضعف إدراك لطبيعة عالم الأعمال، فالأعمال ليست قوالب جامده وروتين لا يتغير، فنحن في عالم تتسارع فيه التطورات والاحداث والمتغيرات، وبطبيعة الحال تتغير فيه حاجات الناس (العملاء)، مما يحتم على الشركات العمل اعداد كوادرها للاستجابة السريعة لاحتياجات عملائها.
فالمنظمات بحاجة دائما لتوظيف الكفاءات المؤهلة والأفضل، لكن هل يعني هذا الاستغناء باستمرار عن الموظفين بسبب عدم قدرتهم على مواكبة متطلبات التطور في العمل، دون بذل أي جهد لتطوير قدراتهم؟. لا أظن ذلك معقولا!، لما يترتب عليه من انعدام الأمن الوظيفي، والتضحية بالخبرات، أضف لذلك أن الشركات التي لا تُعد موظفيها للمستقبل لن تكون صالحة للعيش فيه، فضلا عن المنافسة.
فالتدريب ليس فقط متعلق بالحاضر؛ وما يحتاجه الموظفين من مهارات لأداء أعمالهم الحالية، بل يرتبط أيضا بمدى تمكنهم من مهارات ومتطلبات التعامل مع تغييرات المستقبل، وهذا لن يأتي إلا بالتدريب، المبني على دراسة احتياجات الموظفين التدريبية.
متى نحتاج للتدريب؟
تحتاج المنظمات للتدريب عندما يحدث أحد أو بعضًا مما يلي:
- كثرة إصابات وحوادث العمل.
- طول الوقت المستغرق لإنجاز المهام عن الزمن المقدر.
- زيادة تكاليف تقديم الخدمة أو المنتج.
- انخفاض جودة الخدمة أو المنتج.
- تكليف الموظفين بمهام جديدة.
- ترقية بعض الموظفين.
- توظيف عاملين جدد.
- كثرة الأخطاء في التشغيل أو الصيانة أو في أداء المهام الإدارية.
اقرأ أيضا: ماهي المنظمة المتعلمة وكيف يمكن تطبيقها؟
مزايا تحديد الاحتياجات التدريبية
- تحديد فجوات المعرفة والمهارات، على المستوى التنظيمي والتشغيلي والفردي.
- القيام بتبسيط عملية التدريب، من خلال الإجابة عن الأسئلة المعقدة، حول من يجب تدريبه، وكيفية التدريب، وما الذي يجب تدريبه.
- وضع التدريب في سياق تنظيمي، من خلال مواءمة أهداف التدريب مع الأهداف التنظيمية.
- اكتشاف الاحتياجات التدريبية الدقيقة، لتصميم وحدات تدريبية جذابة، تلبي الاحتياجات الدقيقة؛ للموظفين والشركة.
- إعداد الشركة وموظفيها لمهارات العمل، والاستعداد للتغييرات المستقبلية.
- ينتج عنه تأثير وعائد استثمار أفضل، من خلال الاعتماد على البيانات والأرقام، الناتجة من التحليل.
- القيام بتعزيز ثقافة التعلم الشفافة، ومبدأ تكافؤ الفرص، من خلال التعامل بنفس المعايير ، لقياس مستويات الكفاءة في الوظائف المماثلة.
- الاستفادة من الموظفين في مختلف مراحل السلم الوظيفي، مما يزيد من معدل الاحتفاظ بالموظفين.
- تساعدك على تحديد أولويات جهود التدريب والتخطيط له.
من يقوم بتحديد الاحتياجات التدريبية؟
تقع مسؤولية تحديد الاحتياج التدريبي على إدارة الموارد البشرية، ومسؤول التدريب بالشركة.
ويمكن أيضا الاستعانة بخبير في التدريب، أو متخصص في تحليل الاحتياجات التدريبية، للقيام بالمهمة.
اقرأ أيضا: لماذا تفشل الدورات التدريبية؟
أساليب تحديد الاحتياجات التدريبية
للوصول للاحتياج التدريبي للشركة يجب التركيز على تحليل ثلاثة جوانب هي:
- تحليل الشركة:
وفيه يتم تحليل استراتيجيات الشركة، وغاياتها ومواردها وسياساتها وعملياتها. - تحليل العمل:
من خلال تحليل الوظائف المطلوبة للقيام بالعمل، والوصف الوظيفي لكل وظيفة، وتحليل الواجبات والمسؤوليات، لكل وظيفة وما يتبع ذلك من تحليل الوثائق والسجلات وجودتها. - تحليل الفرد:
ويقصد به تحليل القدرات الجوهرية والقدرات التكميلية لكل موظف، من شاغلي وظائف الشركة، وتحديد أفضليات التدريب لكل فرد منهم.
والشكل التالي يلخص ذلك:
الخطوات العملية لتحديد الاحتياجات التدريبية
كيف نستطيع القيام بعملية تحديد الاحتياجات التدريبية؟.
الأمر ببساطة يتركز في الخطوات الآتية:
1. تحديد الأهداف
من الأهمية بمكان التحديد الدقيق لأهداف وغايات الشركة، مع وصف النتائج المطلوب تحقيقها بالأرقام.
2. تحديد المهارات المطلوبة
للوصول إلى الأهداف التي تم تحديدها، لاشك أن هناك مستوى معين من المهارات، يجب أن يتحقق لدى العاملين بالشركة، من قياديين وإداريين وفنيين وعاملين في مختلف المستويات الإدارية للشركة، فيجب عمل توصيف دقيق للمهارات، والمستوى المطلوب تحقيقه في كل مهارة، بالنسبة لكل موظف.
3. تحديد المستوى الحالي للمهارات
يجب تحديد واقع المهارات المتوفرة للشركة، على شكل قيم رقمية أو نسب، سواء للمهارات الصلبة أو الناعمة، على سبيل المثال: يعتبر التسويق إحدى المهارات الناعمة، وحتى يتم وضع قيمة رقمية له، يمكن الاستعانة بالنتائج المتحققة من الجهد التسويقي.
4. تحديد فجوات المهارات والأداء
من خلال التحليل الناتج من الخطوة الثانية والثالثة أعلاه، يسهل أن نضع جدول تقيمي لفجوات المهارات، مما يعطينا مؤشرًا جيدًا لحجم ونوع وزمن التدريب المطلوب.
5. تحديد أفضليات التدريب
بمعنى تحديد نوع التدريب المطلوب، ومن يجب تدريبه؟، وكيف يمكن أن يتدرب؟.
6. تصميم التدريب
وبالاعتماد على الخطوات السابقة؛ يمكن تصميم حقائب تدريبية، أو اختيار برامج تدريبية قائمة لتغطية الفجوة بين المهارات الواقعية والمطلوبة، كما يجدر الإشارة إلى أن الدورات التدريبية ليست الحل الأمثل دائما لاكتساب القدرات والمهارات، فهناك أساليب نذكر منها على سبيل المثال:
- الدراسة الأكاديمية.
- التدريب على رأس العمل.
- القراءة التخصصية.
- ورش العمل.
- جلسات تبادل الخبرات.
وغيرها.
7. قياس فعالية التدريب
وحتى تكتمل دائرة التدريب ونتحقق من جدوى التدريب، يجب قياس فعالية التدريب، وتحرص الشركات المتمكنة على إعطاء قيمة مالية لذلك، ويسمى العائد على الاستثمار في التدريب، بينما تقوم بعض الشركات بقياس فعالية التدريب، ببيان تقييم مستوى المهارات قبل التدريب وبعده، وكلما كانت الفجوة بينهما كبيرة كان التدريب فعالا.
مهما كانت دقة مقاييسك وسلامة منهجيتك في تحديد الاحتياج التدريبي، تبقى جدواها محدودة لخطة تدريبية واحدة، تحتاج بعدها لإجراء تحليل وتحديد جديد للاحتياج التدريبي، يتلاءم مع التطورات في مجال العمل.