Site icon مدونة حضرمي

الإيكيغاي الياباني .. سر السعادة المهنية

من أصعب لحظات العمر تلك التي يعتريك فيها شعور بفقدان الهدف، واختلاط بوصلة الحياة، وضبابية الرؤية، فذلك الشعور يولّد أحد أقسى الآلام التي يمكن أن يواجها الانسان في حياته، حينها تتأزم نفسية المرء، وينتابه القلق وخوف المستقبل، و تحضر أسئلة عميقة ومصيرية للذهن حول جدوى المسار والتخصص الحالي لحياتك، وقد يتطور الأمر إلى الاكتئاب.


في العالم اليوم من التجارب والمعرفة ما يكفي لتجاوز هكذا أزمات، أو التقليل من وقعها على النفس، مما يجعل جيل ما قبل الانترنت يقول: ليتني امتلكت هذه المعرفة حينما كنت يافعا!.

الإيكيغاي السر الياباني

يتفاخر سكان أرخبيل “أوكيناوا” الياباني بكثرة المعمرين ممن بلغوا المائة وتجاوزوها، وبحسب مراسل قناة ناشيونال جيوغرافيك دان بويتنير (Dan Buettner) فإن سكان الأرخبيل لا يحبون التقاعد، ويميلون للعمل مادامت صحتهم جيدة، فمن بلغ المائة عام منهم – وهم كُثر- يطلق عليه أنه بلغ “الإيكيغاي” فالرغبة في العمل والإنتاج يحسن نفسية المرء، ويجعل لحياته معنى وقيمة، ويعزو سكان “أرخبيل اوكيناوا” سبب ذلك كله لتقنية الإيكيغاي.

فما هو الإيكيغاي؟

إيكيغاي Ikigai هي كلمة تعني سبب العيش باليابانية 生き甲斐، هذه الإستراتيجية أو الفلسفة يمكنك استخدامها لتحديد طريقك المناسب للحياة .

ومن معانيها السبب الذي لأجله تعيش، او هي السبب الذي يجعلك تستيقظ في الصباح.

احصل على كتاب الايكيغاي الصغير من متجر جملون من هنا

الايكيغاي علميا

في عام 2008 نشرت دراسة علمية بكلية الطب بجامعة طوكيو، للطالبين (أوساكي وسون) بعنوان (حس تقدير الحياة “إيكيغاي” ومعدل الوفيات في اليابان)، شملت الدراسة أكثر من (50 الف) عينة، وتطرقت الدراسة لعدة جوانب، منها العلاقات الإحصائية بين وجود الإيكيغاي والصحة البدنية والنفسية، فقد وجد الباحثان أن أكثر أفراد عينة البحث الذين لم يحققوا الإيكيغاي يعانون من العزوبية والبطالة وسوء الصحة النفسية والجسدية؛ إضافة إلى ضعف في وظائفهم الحركية.
ولعل ذلك يعود إلى أن من فقد بوصلته في الحياة يعيش حياة بلا معنى، ولا يوجد ما يحركه للجد والعمل والبذل، فيعيش حياة الخمول، مما ينعكس على حالته النفسية وصحته الجسدية.
بالإضافة لتلك الدراسة هناك دراسات أخرى تحدثت عن دور الإيكيغاي في موازنة افرازات الناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتوتين الاندورفين، وهي المتحكمة في الحالة المزاجية والنفسية للإنسان.

الإيكيغاي بنظرة اسلامية

نحن كمسلمين لدينا تصورنا الخاص بالغاية من الوجود، وهو ما يكفينا عناء المشاركة الجدلية في الإجابة عن الأسئلة الوجودية المشهورة، فقد أشار سيد قطب في كتاب ظلال القرآن، للتصور الكامل لغاية الوجود الإنساني، فعبر تاريخ البشرية وتعاقب الحضارات، كان ومازال الإنسان يؤمن بأن الحياة الدنيا هي ليست النهاية لجبروته وعظمته.. فكيف لهذا الكائن النرجسي الذي ميزه الله بالعقل أن يفنى؟ من هذا المنطلق يعمل الناس من أجل حياة أفضل ما بعد الموت. وبالرغم من أن معظم اليابانيين لا يؤمنون بالله، وليس لديهم إيمان روحي عميق بالخالق، إلا أنهم استطاعوا أن يجدو ما يحفزهم لأن يكونوا (مواطنين صالحين) ملتزمين بالأنظمة والقوانين ومحبين للعمل. تراهم كالجسد الواحد الذي يتماسك من أجل مجتمع منتج وفعال. ويسعون نحو السعادة التي يرونها في تحقيق الإيكيغاي. لهذا وبالتأمل في أسئلة الإيكيغاي الرئيسية نجد انها مرتبطة بالعمل والمهنة رأيت أن اربطها بالسعادة المهنية، فهو الأقرب لها لأن السعادة الشاملة لها مفهومها الخاص في ديننا.

أسئلة الإيكيغاي

تبنى فلسفة الإيكيغاي على الإجابة الواضحة على أربعة أسئلة عميقة وجوهرية، والاجابة عنها تولد في المحصلة الأولى تحديد التوجه الرسالي للفرد، وفي المحصلة النهائية الوصول للايكيغاي.
وبالنظر للشكل الآتي نعرف خلاصة الاسئلة والمحصلات التي تفيدنا بها الايكيغاي:

مخطط يوضح أسئلة الايكيغاي ونتائج تداخل الدوائر

يمكنك فهم شرح تفصيلي للشكل من خلال الفيديو الآتي

فيديو يشرح دوائر الايكيغاي

ويمكننا توضيح الأسئلة الأربعة فيما يلي:

  • ماذا تحب؟
  • ما الذي تجيده؟
  • ماذا يحتاج العالم / الأخرون منك؟
  • ما الذي يمكن أن يُدفع لك مقابله؟

وفيما يلي تفصيل ذلك ( سنقسم الإجابة على حالتين: حالة من يعمل بالفعل، وحالة من ليس لديه عمل وانما لديه هواية):

1. ماذا تحب؟

إذا كنت تعمل حاليا:
• فهل انت مستمتع بعملك؟
• هل تتحمس للذهاب للعمل أكثر من الجلوس بالبيت؟
• هل انت فخور بإنجازاتك في عملك؟
اذا لم يكن لديك عمل :
• هل لديك هواية و هل انت متحمس بشدة لهوايتك؟
• هل تعتقد أن هوايتك تلك تمثلك وتعبر عن شخصيتك؟

اقرأ أيضا: خمسة أفكار لاستعادة التركيز عندما تصاب بالاكتئاب أو الحزن الموسمي

2.ما الذي تجيده؟

إذا كنت تعمل حاليا:
• هل يطلب الناس منك النصيحة بشأن الموضوعات المتعلقة بعملك؟
• هل يسهل عليك استيعاب الجوانب المتعلقة بعملك؟
• وهل تعتبر الأفضل من بين اقرانك في ما تفعله؟
• وهل تطمح أن تكون خبيرا في مجالك؟
واذا كانت لديك هواية:
• هل يمدح الناس أداءك لهوايتك؟
• هل تعتبر من الأفضل بين أقرانك في أداء هوايتك؟
• هل تطمح لتطوير نفسك في هوايتك أو حرفتك لتكون خبيرا فيها؟

3. ماذا يحتاج العالم/ الآخرون منك؟

فاذا كنت تعمل حاليا:
• هل يوجد طلب مرتفع على عملك في السوق؟
• بالنظر إلى المستقل 10 سنوات فأكثر هل سيزداد الطلب على عملك؟
• هل عملك يحل مشكلات اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية جوهرية؟
إذا كانت لديك هواية أو حرفة:
• هل هوايتك أو حرفتك مطلوبة بكثرة في سوق العمل؟
• و هل ستبقى ذات طلب مرتفع مستقبلا؟
• وهل هوايتك او حرفتك تحل مشكلة اجتماعية او اقتصادية أو بيئية جوهرية؟

اقرأ أيضا : تَعرّف على أسرار (سوبرمان?) التعلم الذاتي

4. ما الذي يمكن أن يُدفع لك مقابله

إذا كنت تعمل حاليا:
• هل يوجد أشخاص يتقاضون رواتب مقابل أداء نفس العمل او الحرفة التي تقوم بها؟
• هل ستوفر دخلا جيدا من عملك؟
• هل هناك مستوى معقول من المنافسة في مجال عملك؟
أذا كانت لديك هواية:
• هل يوجد اشخاص حولوا نفس هوايتك إلى مهنة؟
• هل طلب منك أحد شراء ما تفعله أو تصنعه؟
• هل هناك مستوى معقول من المنافسة على مجال هوايتك؟

فإذا أجبت بنعم على كل سؤال من الأسئلة أعلاه في قسم “إذا كنت تعمل حاليا” فاستمر في عملك.
وإذا أجبت بنعم على كل سؤال في قسم “اذا كانت لديك هواية” فأبشر يمكنك بكل ثقة أن تتخذ خطواتك لتحول هوايتك إلى مهنة أحلامك.

اقرأ أيضا : 7 أفكار ذهبية لبناء خطتك الشخصية العمليّة

حسنا .. ماذا إذا كانت الإجابة بالنفي؟

لا تنزعج يا صديقي، كل ما في الأمر أنك تحتاج للتعمق أكثر في فهم ذاتك، وما يمكنك تعلمه واتقانه والكسب منه، بشيء من التأمل والتفكير العميق والعصف الذهني يمكنك كتابة عدد من الأعمال التي يمكنك امتهانها، أو ربما تحتاج لشيء من التعلم والتدريب لتكون في وضع يؤهلك لممارستها.
لست أدعي أن إيجاد الإيكيغاي الخاص بك سهل، وانما يختلف الحال بالطبع من شخص لآخر فهناك من يحتاج لسنوات حتى يجد الإيكيغاي، اذ الأمر تتداخل فيه عوامل كثيرة، بيد أن المعرفة والقراءة والاستشارة تعينك على اختصار الوقت.
يمكنك اجراء اختبار الإيكيغاي أون لاين عبر الرابط هنا.

لا تتردد في طلب استشارة خاصة للوصول للايكيغاي الخاص بك نحن نساعدك عبر جلسات الكوتشنج الخاصة بأنسب تكلفة، تواصل معنا.

Exit mobile version