يحكى أن مجموعة من الضفادع كانت تتجول في الغابة، وفجأة وقع اثنان منهم في حفرة عميقة، حاول الضفدعان القفز مرارا وتكرار للخروج منها؛ ولكن لا فائدة ، وتجمعت بقية الضفادع حول فوة الحفرة، بينما بدأت السماء تهطل بالمطر ، فقال قائلهم: لننتظر حتى يغزر المطر، وتمتلئ الحفرة بالماء، حينها سيتمكن زميلانا من الخروج ، وتوجهت الضفادع إلى الضفدعان اللذين لازالا يحاولان القفز من الحفرة، ويقولون لهما لا داع للقفز، انتظرا حتى تمتلئ الحفرة بالماء.. لا تحاولا القفز فالحفرة عميقة .
أحد الضفدعين توقف عن القفز، بينما استمر الآخر، بل وشد همته في القفز ، محاولا الخروج؛ مع تعالي أصوات المجموعة له بأن يكف عن القفز، وكلما علا صوتهم بالتثبيط زاد من همته في القفز؛ حتى تمكن من القفز خارج الحفرة بالفعل ، تجمعت الضفادع حوله، فبادرهم بابتسامة عريضة قائلا: أشكركم لتشجيعي!. استغربت المجموعة مما سمعت فقد كانوا يثبطونه ولا يشجعونه، وزال عجبهم عندما علموا أنه ضفدع ضعيف السمع؛ كان يسمع مجرد هميم ، يظنه تشجيعاً له على مواصلة المحاولة؛ مرات ومرات حتى قفز أخير من حفرته.
محتويات المقال
اثار الإحباط والتثبيط:
الاحباط من أقوى الحالات السلبية التي يتعرض لها البشر ، فالمُحبَط والمُثبَط يميل إلى الانزواء والعزلة، وعدم الرغبة في الإنجاز والعمل، بل وعدم الرغبة في الاختلاط بالناس.
وإذا تسلل الإحباط والتثبيط لأفراد فريق او منظمة فقدت بريقها وتميزها ، وقلت الإنتاجية وانشغل الافراد ببعضهم، وخطت المنظمة خطواتها نحو النهاية ؛ إن لم يبادروا بالعلاج والتصويب.
والمثبطات وعبارات التشاؤم والسلبية هي الدمار لصحتك النفسية، ولمستقبلك، بل ومستقبل وطنك وأمتك، فإنما انهارت الأوطان والأمم حينما فقد أفرادها الأمل، وتثبطت عزائمهم وأحبطوا فهوت في دركات التخلف والانهيار.
القائد المحفز:
اذا قرأت في تاريخ الأمم والشعوب، بل والمنظمات التي مرت بأزمات وكوارث ستجد ذلك القائد المحفز، الذي لا يترك أتباعه عرضة للتثبيط والإحباط، لأنه يعرف انها بداية النهاية، لذا يحرص القائد على شحن الهمم وبث الأمل ، فعندما قال أصحاب موسى عليه السلام : (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)). وعندما قال الصديق رضي الله عنه: “لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ” قال له القائد الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام (مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا) رواه البخاري ومسلم.
فالقائد لا يسمح بحال ان يتسلل الوهن والإحباط إلى فريقه وأتباعه، ويدفع ذلك بكل ما أوتي من قوة.
كيف تقاوم المحبطات والتثبيط ؟
اذا عدمت القائد المحفز الملهم، فماذا تنتظر اهتم بنفسك، وخلصها من الإحباط ، وتحمل مسؤولية ذاتك، فلا خيار أمامك غير هذا ، فلا تترك نفسيتك وطموحك يعبث به كاتب على الفيسبوك؛ او مغرد على تويتر؛ أو مذيع على التلفاز .
تقول ولكن كيف؟
أسرار التحفيز والايجابية:
1. أشغل نفسك بأهدافك :
حدد لنفسك أهدافاً واقعية ؛ تتلاءم مع طموحك وظروفك، والتزم بالعمل عليها بسرية تامة حتى لا تقع فريسة للمثبطين. فوجود الهدف الذي يملأ تفكيرك ويجعلك تنهض باكرا من فراشك كل صباح من أقوى معززات الطموح والأمل، فلا وقت لديك للأفكار السلبية.
2. جمّل صحبتك :
أحط نفسك بالإيجابيين؛ وأصحاب الهمم العالية، وتخلص من السلبيين والمثبطين والمتشائمين، فما أسرع ما ينقلون اليك سلبيتهم واحباطهم، تفحص اصدقاءك وجلسائك، و قوائم من تتابعهم على كافة منصات التواصل الاجتماعي وتخلص منهم واحد تلو الآخر، وبالمقابل ابحث عن الايجابيين والمحفزين ، ولا تتردد في متابعتهم والاحتكاك بهم.
3. اقطع سلاسل الأفكار السلبية:
الأفكار السلبية ترد على الذهن صغيرة وتافهة؛ لكن التفكير فيها والتعمق في تأملها يجعلها تكبر ككرة الثلج؛ حتى تسحق صاحبها، فتلك الفكرة البسيطة تجر أختها الأكبر منها، والتي من فرط التأمل فيها، وتكرارها على الذهن يبدأ الاقتناع بها، ثم لا تلبث هذه الفكرة ان تكبر وتصبح أكثر فضاعة ..الخ.
لذا نحن بحاجة لإدراك الفكرة السلبية فور ورودها على الذهن، وتفكيكها للتخلص منها، وذلك بأن نفكر فيما هو ضد تلك الفكرة ، وأن كثيرا من مثل هذه الفكرة التي اعتقدنا انها صواب تبين خطاؤها، و أنه إن كان هناك ثمة ما يستحق القلق؛ فلا يجب ان تقلق عليه مرتين: مرة قبل وقوعه ومرة اذا وقع.
4. اجمع محفزاتك:
لكل منا أسلوب يتحفز به، فبعضنا يتحفز بآية قرآنية ،وبعضنا بحديث نبوي، أو قصة من قصص الأنبياء والصالحين والناجحين ، أو مقولة لأستاذ نحبه ، أو مقطع فيديو أو محاضرة صوتية .. الخ. أيّا كان ما يحفزك فكر بتجميع كل هذه الأشياء؛ لتكون قريبة منك، اكتب العبارات في أوراق وضعها أمامك، وغيرها بين الحين والآخر حتى لا تألفها، اجمع مقاطع الفيديو والصوتيات والتلاوات التي تحسن من نفسيتك، وضع بمجلد في جوالك وحاسوبك ليسهل الرجوع لها ، لا تنس تحديث هذه المحفزات بين الحين والآخر، أضف لها ؛ واحذف ما ألفته منها.
5. احرص على جلسات التفكر:
من أعظم ما يقوّم حياة كل انسان منا هي جلسات التفكر، والنظر في الحال والمآل، لهذا ورد الحث عليه كثيراً في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، كلما أحسست بالوحشة والحيرة والتخبط والإحباط ؛ صف قدميك لله تعالى وصل ركعتين، ابتهل فيهما لمن بيده تدبير أحوال الكون والعباد، ثم تفكر في احوالك وعلاقاتك واهدافك، وانظر لنفسك كجزء من منظومة الكون ، ومن منظومة الإسلام، ومن منظومة المجتمع والاسرة، لتشعر بأهمية دورك وحيويته، وتعمق غاياتك وقيمك ولا تسمح لنفسك بالانحراف عنها.
6.احتفل بإنجازاتك ووثقها:
حصلت على شهادة جديدة، او ترقيت في العمل، أو أنجزت مشروعاً، لاتجعل هذا النجاح والسعادة محصورة بين اضلاعك ، شارك فيها اسرتك واصدقاءك المقربين، احتفل معهم بهذا الإنجاز أشعرهم انك سعيد، ووثق لحظات السعادة بعدسة هاتفك، واحتفظ بتلك الصور المليئة بالحيوية والبهجة، لتعيد بها شحن طاقتك للهدف التالي.
7. اكسر النمط :
هل أصبحت حياتك روتيناً مملا ؟، يوم واحد تتكرر أحداثه كل يوم، منذ شهور وربما منذ أعوام ! . انت بهذا وضعت حياتك ببساطة على كف الإحباط والتثبيط، جدد حياتك يا صديقي، كلما شعرت بالتقادم انطلق والعب مع أطفالك أو اصطحبهم في نزهة، زر أماكن لم تزرها من قبل، جالس أناس من غير دائرتك المعتادة، انضم لفريق تطوعي، او قم بتأسيس فريق تطوعي جديد، ولاحظ الفرق في حياتك.
ربما لديك غير هذه الأساليب، المهم ألّا تستسلم للمحبطات، واحم صحتك النفسية، فهي مفتاح الصحة البدنية، وأحطها بسياج من الامل والايمان بالله، الذي بيد تصريف الأقدار، وهو أرحم بنا من امهاتنا. وكن على ثقة أنه لن يقدر لك إلا ما ينفعك؛ في حياتك ومعادك.
ساهم في نشر المقال وانقر ايقونات المشاركة .. واشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديدنا