حينما قرأت الكتاب الرائع الشهير (العادات السبع للناس ذوي الفعالية) للكاتب ستيفن كوفي تمنيت أن يشبع الحديث حول اكتساب العادات الجيدة، و التخلص من العادات السيئة، حتى شاهدت مراجعة المهندس علي محمد علي لكتاب (Atomic Habits) للكاتب James Clear أدركت اني وجدت الكتاب الذي أبحث عنه، وكان حينها لم يُترجَم الكتاب بعد، تمنيت أن يحظى الكتاب بترجمة لائقة به، ويتاح للقارئ العربي.
محتويات المقال
أخيرا وقع الكتاب بين يدي مترجمًا
بحمد الله حصلت على النسخة الورقية المترجمة من الكتاب، ترجمها الأستاذ محمد فتحي خضر، ترجمة ممتازة لصالح دار التنوير ويقع في 301 صفحة من القطع المتوسط.
ويتميز الكتاب بتركيزه على طرق اكتساب العادات الصغيرة التي تحدث تغييرًا كبيرًا باستمرارها، والتخلص من العادات السيئة.
لماذا العادات الذرية
يُعرِّف الكاتب في بداية كتابه “العادة” أنها سلوك أو ممارسة روتينية تُؤدَّى بانتظام استجابةً أتوماتيكية لموقف معَّين.
ويُعرِّف (الذرَّة) بأنها مقدار شديد الضآلة من الشيء؛ الوحدة المنفردة غير القابلة للاختزال من نظام أكبر.
فهي عادات صغيرة جدًا وبسيطة، غير أنها بالاستمرار عليها تحدث تغييرًا هائلاً في حياتنا ونظامها.
وأبرز ما يميز الكتاب هو اعتماده على دراسات علمية حقيقية؛ وحديث الكاتب الشيق المدعم بالقصص والتجارب الواقعية.
جميس كلير والعادات
خصص كلير مقدمة الكتاب للحديث عن قصة إصابته في وجهه بمضرب البيسبول، التي كادت أن تفقده حياته أو تصيبه بعاهة مستديمة، عندما كان صغيرًا، وكيف تجاوز المحنة، وصنع نجاحه.
ثم يذكر أنه كان متابعًا حريصًا لكل ما يُكتَب ويُؤلَف عن العادات، حتى اكتسب خبرة ممتازة عنها، وكان يدوّن خبراته الشخصية عن العادات في مقالات دورية، على موقعه في يومي الاثنين والخميس، ثم أثمر انضباطه في الكتابة اشتراك أكثر من ثلاثين ألف مشترك خلال عام واحد على موقعه، وفي العام التالي وصلوا لأكثر من مائة ألف مشترك، مما جعل نشرته تصنف بأنها واحدة من أسرع النشرات الإخبارية نموًا على الإنترنت، ووصلت في العام الثالث لأكثر من مائتي ألف مشترك، وبدأ يتلقى الدعوات للكتابة من دور النشر والصحف الكبرى، واصبح الكاتب أحد خبراء العادات في العالم.
وكانت ثمرة تلك الجهود هذا الكتاب؛ الذي وضع فيه عصارة خبرته.
قوة العادات الذرّية المدهشة
تحدث الكاتب عن الأثر المدهش للعادات الصغيرة الذرّية، ويشبهه بتغيير مسار الطائرة بضع درجات وهي متجهة من لوس أنجلوس إلى نيويورك، مع هذا التغيير البسيط غير الملحوظ عند الإقلاع؛ سينتهي بها المسار إلى مطار واشنطن بدلا من نيويورك، أي بفارق عدة أميال سببه تغيير بضع درجات عند الانطلاقة.
إقرأ أيضا: الطماطم طريقك نحو التركيز والإنتاجية!
متى تثمر العادة الذرّية؟
وأشار كلير إلى دراسة تقول أن العادات الجيدة التي نصنعها لا يظهر تأثيرها إلا بعد مدى زمني طويل نسبيًا، فمن يقرأ نصف ساعة يوميًا لن يشعر بفارق في ثقافته من الشهر الأول، أو الكتاب الأول ولا الثاني أو الثالث؛ ولكن سيرى الفرق بعد عام أو قريب منه بشكل ملحوظ جدًا، و من يُفرِط في تناول المأكولات غير الصحية لن تتدلى كرشه من الوجبة الأولى ولا العاشرة، إنما قابله بعد عام -ربما- لترى كرشه المتألقة?. وقد عبر الكاتب عن هذا التغيير بمعادلة رياضية تعبر عن التغيير الإيجابي يوميًا بمقدار ضئيل يساوي 1% فقط، إذ سينتهي العام وأنت أفضل بنحو 37 ضعفًا ?، وكذلك من يتردى بعادة سيئة بنسبة 1% سينتهي به الحال في نهاية العام إلى الصفر وربما أدنى ?، والمعادلة كالتالي:
1% أسوأ كل يوم لمدة عام 0.99 365=00.03
1% أفضل كل يوم لمدة عام 1.01 365=37.78
وعبر عن هذا المفهوم بالمخطط الآتي:
مخطط نمو العادات
يشير المخطط أعلاه إلى ما يتوقعه أغلبنا بمجرد البدء في ممارسة عادة جديدة، إذ نتوقع أن نتحسن في منحنى تصاعدي، وهو ما لا يحدث في الواقع للأسف كما أسلفت، مما يؤدي بالكثير للتراجع عن التغيير، بعد فترة نحسبها طويلة نسبيًا، وفي لحظة أطلق عليها الكاتب (وادي الإحباط)، وهي نقطة يتراجع فيها كثيرون من مريدي التغيير في العادات.
العادات تشكل هويتنا
يقول كلير تنبثق هويتك من عاداتك، فأنت لا تُولد بمعتقدات مغروسةٍ فيك مسبقًا، وكل معتقداتك مكتسبة، وتتشكل من خلال خبراتك، فما تمارسه يوميًا يشكّل انطباعك عن نفسك؛ وما تعتقده في ذاتك ويصبح جزءًا من هويتك. فإذا مارست الرياضة بانتظام سيترسخ في وعيك أنك “رياضي”، وحين تكتب كل يوم فأنت ترسخ في ذاتك هوية “الكاتب” وهكذا.
كيف تبنى العادات
تكمن أهمية معرفة خطوات بناء العادات في أن إدراكنا لها يجعلنا قادرين على تبني عادات جديدة.
فالعادات تبنى من خلال أربع مراحل هي : (المحفز، الرغبة، الاستجابة، المكافأة)..
وتوضيحها كالتالي :
يرن منبه جوالك لوصول رسالة واتساب (محفز)، فيثيرك الفضول لقراءة الرسالة (رغبة)، تتناول الجوال وتتفقد الرسالة (استجابة)، تعرف مضمون الرسالة وتشبع فضولك (مكافأة).
وفي مثال العادات الإيجابية
تواجه القارئ مسالة لا يعلم لها جوابا وهذا (محفز )، فيشعر بـ (الرغبة) في معرفة الجواب، فيتناول كتابًا (استجابة)، ويحصل على المعلومة (مكافأة).
كتاب العادات الذرية موجود على متجر جملون انقر هنا
القوانين الأربعة لتغيير السلوك
وهذه القوانين هي المحور الأساسي للكتاب، حيث تعمّق الكاتب فيها توضيحًا وتفصيلاً.
والقوانين الأربعة تم اشتقاقها من خلال معرفة مراحل تكون العادات؛ التي أشرت إليها أعلاه، ويمكن توضيح هذه القوانين من خلال الآتي:
- القانون الأول: ويتعلق بالمحفز ويقول (اجعله واضحًا). فإذا أردت تبني عادة جديدة اجعل ما يذكرك ويحفزك لها واضحا، فإذا رغبت في تبني عادة القراءة قبل النوم، بإمكانك أن تضع الكتاب بالقرب من سريرك في متناول يدك، والعكس بالعكس، فإذا شرعت في التخلص من عادة سيئة اجعل ما يحفزك لها (مخفيًا) أو بعيدا عن متناول يدك، فمن يشكو من عادة إغلاق منبه الاستيقاظ لصلاة الفجر، عليه أن يضع المنبه بعيدا عن متناول يده؛ وحتى يغلقه يحتاج أن يقوم من سريره.
وهذا يعطي إشارة لإزالة كل مثير أو محفز للعادات السيئة من بيئتنا، ونستبدلها بمحفزات للعادات الإيجابية.
2. القانون الثاني: ويتعلق بـ (الرغبة) ويقول: (اجعلها جذّابة) فالشيء الجذّاب يثير (الرغبة)، لمن لا يحفزه منظر الكتاب للقراءة يمكنه وضع عدة أقلام ملونه جوار الكتاب للتأشير على العبارات، أو اختيار كتب ذات أغلفة جذّابة وتحتوي على صور .
وعلى العكس إذا أردت التخلص من عادة سيئة (اجعلها منفرة أو غير جذّابة) فمن يريد التخلص من الطعام غير الصحي بإمكانه فتح المجال لزوجته أن تحضّره بطريقة غير جذّابة.
3. القانون الثالث: ويتعلق بـ (الاستجابة) ويقول (اجعلها سهلة) يسّر لنفسك الوصول لأدوات العادة الجيدة، ضع أدوات ممارسة الرياضة بالقرب منك، ضع الكتاب قريبًا من متناول يدك.
بالمقابل بالنسبة للتخلص من العادات السيئة (اجعلها صعبة) اجعل أدواتها بعيدة عن متناول يدك، لا تمر بالشارع الذي تباع فيه الوجبات غير الصحية، احذف تطبيقات الجوال التي تستنزف وقتك، واجعلها في مجلد في الشاشة الأخير من جوالك.
4. القانون الرابع ويتعلق بـ (المكافأة) ويقول (اجعلها مشبعة) وهنا يتحدث الكاتب عن التعزيز الفوري للعادات الحسنة، ولأن العادات الحسنة في مجملها تتضمن مكافآت مؤجلة يلزم تحويلها إلى مكافآت عاجلة ومرئية، فإذا كنت تعاني من التسويف، وتريد أن تتبنى عادة إنجاز المهام اليومية، أكتب مهامك على ورقة أو في أحد تطبيقات (To do list)، وكلما أنجزت مهمة قم بالتأشير عليها أو شطبها، مما يمنحك شعورًا بالتقدم والإنجاز، و يحفزك لإنجاز المزيد، بعض الأشخاص مع كل إنجاز يضع مبلغًا بسيطًا من المال في حصالة خاصة يطلق عليها الترفيه، حتى إذا تجمّع مبلغ محدد، اشترى لنفسه شيئا كان يرغب فيه.
وعلى العكس إذا أردت التخلص من إحدى العادات السيئة، (اجعلها غير مشبعة)، أو بمعنى آخر اجعلها مؤلمة، بالإمكان تبني عادة الاستيقاظ لصلاة الفجر، وفي كل يوم تفوتك فيه الصلاة عليك أن تتصدق بمبلغ من المال، للمسجد أو لأحد المحتاجين.
كتاب العادات الذرية موجود على متجر جملون انقر هنا
ختاما
يمكنني تقييم الكتاب 8/10، وبرأيي الكتاب متميز في موضوعه، ويلبي حاجة أصيلة في نفوسنا للتحسين المستمر، وفيه من العمق ما يجعلك تعود إليه بين الحين والآخر، وبالتأكيد لن يغنيك هذا الملخص ولا غيره عن قراءة الكتاب.
وقد قمت بإعداد هذا الملخص في ملف PDF خاص ,وأضفت له جدول خاص لتبني العادات الجيدة، والتخلص من العادات السيئة من خلال أفكار هذا الكتاب، يسعدني مشاركته معكم. لتنزيل الملف أنقر أدناه
وأخير أختم هذا المقال بهذه الفقرة المقتبسة من الكتاب:
[adrotate banner=”3″]إشترك بقائمتنا البريدية للتصلك الملفات الحصرية للمشتركين وتكون أول من تصله مقالاتنا:
ننتظر رأيكم وتعليقكم على الملخص .. اقترحوا لنا كتب جيدة لتلخيصها..