الإدارة

الاستراتيجيات الخمس لإدارة الصراع التنظيمي

دليلك المتكامل لإدارة النزاع في بيئة العمل

Rating: 3.8/5. From 4 votes.
Please wait...

بطبيعة الحال في أي تجمع بشري تحصل اختلافات في الآراء والأفكار، وهي -في هذا المستوى- تعتبر حالة صحية، مالم تتطور وتصبح خلافات وصراعات، وأن تطورت إلى مستوى أكثر تعقيدًا؛ فيمكن النظر إليها بإيجابية تمامًا مثلمًا يفعل جسم الانسان حينما تصيبه الحمى، يدل ذلك على أن هناك التهاب أو مشكلة ما في مكان ما، من هنا يمكن النظر للصراعات التنظيمية بأنها تنبيه من الجسم التنظيمي لمنظمتك بأنه حان وقت التغيير، أو أن مستوى إدارة الموارد البشرية لديك اصبح عتيقًا أو يشوبه قصور خطير.


إن من مهام إدارة الموارد البشرية وقيادة المنظمة أن تمنع حدوث تلك الصراعات بأدوات وقائية مناسبة لوضع المنظمة وموظفيها.

مفهوم الصراع التنظيمي

هو حالة من الخلاف الناجم عن المعارضة الفعلية أو المتصورة، للاحتياجات والقيم والمصالح بين الأشخاص الذين يعملون معًا.

وإدارة الصراع التنظيمي يتجاوز مفهوم حل الصراع إلى منع وقوع الصراع والتعامل معه حين وقوعه ووضع العلاج الدائم الذي يمنع تكراره في المستقبل

مقالات ذات صلة

أضرار الصراع التنظيمي

هناك الكثير من الدراسات والأبحاث التي تشير إلى خطورة الصراع التنظيمي على الإنتاجية والأداء ومستقبل المنظمات.

ففي دراسة لجمعية الإدارة الامريكية أكدت أن المديرين يقضون 24% من أوقاتهم في حل النزاعات.

كما أشارت دراسة أخرى إلى أن تكلفة صراعات العمل تكلف الاقتصاد الأمريكي 359مليار دولار سنويًا. و أشارت دراسات أكاديمية لوجود ارتباط إيجابي بين وجود الصراع التنظيمي و الإجهاد المهني (الإجهاد المهني مصطلح يدل على الضغط النفسي الذي يواجه الموظف في عمله). وتشير دراسة أخرى إلى وجود ارتباط عكسي بين وجود الصراع التنظيمي والأداء الوظيفي، بطبيعة الحال إذا زاد الصراع يضعف الأداء الوظيفي.

ومن زاوية أخرى يؤكد بعض الباحثين أن الصراع التنظيمي نتيجة حتمية لأي تجمع بشري، وأنه ليس سيئًا كله، فالصراع الذي يدار بشكل جيد؛ ويخلص إلى نتيجة تصحيحية وتغييرية في المنظمة؛ يعتبر صراعًا إيجابيًا، بالنظر إلى أسلوب إدارته ونتائجه.

أسباب الصراع التنظيمي

تفسر نظريه التحليل النفسي الصراع التنظيمي بأنه يأتي كنتيجة للصدام الذي يحدث بين رغبات الفرد ومطالبه الغريزية وبين بيئته وما تحتويه من تعاليم وقوانين المجتمع. من هذا المنطلق يصعب حصر جميع أسباب الصراع، لكن هناك أسباب شائعة منها:

? مشكلات الاتصالات الإدارية

تعود أسباب الكثير من المشكلات إلى سوء الفهم، وعدم وضوح قنوات الاتصال الإداري، والتجاوزات في المستويات الاتصالية، فإتقان الموظفين لمهارات الاتصال يحد من الكثير من المشكلات، وقد يحدث الخلاف بين الأفراد نتيجة لاختلاف اتجاهاتهم وتتضمن الاتجاهات الأشكال التاليـة: الانطواء، وحبس المعلومات عن الجهات المختصة والمبالغة في تخطي قنوات ومستويات السلطة.

? معوقات ومشكلات البناء التنظيمي

تتبنى بعض المنظمات هياكل تنظيمية ضعيفة، تحتوي على ثغرات تكون سببًا يوما ما في مشكلات ونزاعات بين العاملين، مما يسبب عدم الوضوح في قنوات الاتصال الإداري والواجبات والمسؤوليات المحددة لكل وظيفة ومستوى اداري.

? مشكلات تسببها البيئة

للبيئة الداخلية والخارجية تأثير كبير على سير العمل ووجود الصراعات التنظيمية فالإنسان ابن بيئته -كما يقال- وتتمثل المؤثرات البيئية في اللغة والألفاظ المستعملة والعادات والتقاليد وموقف الأفراد منها.

? الاعتماد المتبادل في العمل

وهذا أهم أسباب الصراع بين المجموعات، ويقصد به ارتباط وحاجة مجموعة لمجموعة أخرى لإنجاز أعمالها أو تحقيق أهدافها، فكلما زادت العلاقات الاعتمادية زادت الصراعات، فلابد من وجود مجموعات متجانسة ومتعاونة، إذا تطلب الأمر وجود قدر من الاعتمادية بين فرق العمل المختلفة، ويعتمد ذلك على وجود هيكل تنظيمي قوي وشفاف، يراعي هذه الأنماط من العمل.

? عدم الشفافية في معايير التعامل

تعتبر الترقيات والعلاوات من أساليب تحفيز العاملين ودفعهم للعمل الجاد، وللأسف فقد تتحول هذه الأمور إلى وسيلة للتحاسد والصراع بين العاملين إذا لم تُبنَ على مستوى مقبول من الشفافية والحياد.

? الغموض في الوسائل والأهداف وتعارضهما

يجب أن تكون أهداف ووسائل المنظمة واضحة للجميع بما يكفي، وعلى قيادة المنظمة التأكد من ذلك جيدًا، إذ يعد الغموض في هذا الجانب أحد أسباب الصراع التنظيمي.

النزاع في بيئة العمل

مؤشرات وجود الصراع

كيف تعرف أن هناك صراعًا حتى وإن لم تُخبر بذلك صراحة، إليك بعض المؤشرات على وجود الصراع:

  1. قلة الصبر لدى العاملين وكثرة التذمر.
  2. مهاجمة الأفكار والمقترحات حتى قبل عرضها بشكل رسمي.
  3. وجود تكتلات ومجموعات بين الموظفين.
  4. الانفعالية في تقديم النقد والملاحظات والآراء.
  5. الغضب وعدم الارتياح، والتعبير عنه تصريحًا وتلميحًا.

اقرأ أيضًا: كيف تعرّف بمنظمتك في 30 ثانية؟

كيف تدير الصراع في مكان العمل؟

1️⃣تحديد سبب الصراع

التصور الصحيح للمشكلة التي أدت إلى الصراع حجر أساس لحل الصراع، وحتى تتوصل إلى السبب المباشر للصراع تحتاج لقدر عالٍ من الحياد، والسماع من كل الذين لاحظوا الصراع والتفريق بين المعلومة ووجهة النظر في هذه الخطوة جزء ذو أهمية بالغة.

2️⃣ استمع للأطراف المشاركة في الصراع

إضافة لسماع الأطراف من خارج الصراع في الخطوة السابقة يجب السماع من الأطراف المشاركة في الصراع، اسمع لكل طرف على حده، واطلب منه أن يصف ما يشعر به، وأن يتحدث عن الأفعال والسلوكيات، وليس وصف الأشخاص والحكم عليهم، واطلب منه وجهة نظره للحل وناقشه فيه.

3️⃣ التعاون على إيجاد حل

بعد سماع الأطراف المختلف، قم بتحليل المعلومات التي حصلت عليه وقارن بين أفكار ورؤى الطرفين وحدد نقاط الاتفاق والاختلاف بأكبر دقة ممكنة، وخطط لجلسة عصف ذهني بمشاركة الطرفين وآخرين من خارج الصراع، لإيجاد الحل المناسبة للصراع، الجزء الأهم لنجاح هذه الخطوة هو الحزم في ابعاد أي اتهامات شخصية، والتركيز على الأفعال والأنشطة المطلوبة للحل. وتهدف هذه الجلسة لجمع أكبر قدر من الحلول المتفق عليها للصراع.

4️⃣ الوصول لحل متفق عليه

قم بتلخيص وتجميع ومقارنة الحلول المطروحة في الخطوة السابقة، ومناقشة أفضل الحلول مع المجموعة، ومراعاة أن يكون الحل المختار يضمن عدم تكرار الصراع في المستقبل.

5️⃣ تنفيذ الحل وإنهاء الصراع

عند الاتفاق على حل احرص على تنفيذه بشكل صحيح، وتأكد من اعتذار الفريقين وشكرهم لبعضهم البعض، و أن يكون لكل طرف دور فاعل في حل المشكلة، وراقب سير تنفيذ الحل في كل مراحله.

اقرأ أيضًا: التسويق بالكواليس..السهل الممتنع

الاستراتيجيات الخمس لإدارة النزاعات

تبنى حلول الصراعات التنظيمية على خمس استراتيجيات رئيسية هي:

1️⃣ التجنب

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تأجيل مواجهة الصراع، وتجاهله لأجل غير مسمى، ويأمل صاحب القرار من اتخاذ هذه الاستراتيجية أن تحل المشكلة تلقائيًا، دون تصعيد.  تفلح هذه الاستراتيجية في بعض المواقف خصوصًا حينما تكون مهمة الفريق محددة بزمن قصير، أو أن تأثير المشكلة محدود لا يذكر، وغير قابل للنمو.

2️⃣ الاستيعاب

وتشير هذه الاستراتيجية إلى تقديم أحد الأطراف تنازلات، لغرض تجاوز المشكلة وتعزيز العلاقة.

3️⃣ التسوية

وتعني أن يقدم كل طرف تنازلات للوصول إلى تسوية مقبولة للأطراف، تستخدم هذه الاستراتيجية مع الأطراف المتكافئة.

4️⃣ التعاون

و تقوم على إرضاء جميع الأطراف، وتتم بالجمع بين أفكار الأطراف المختلفة، للوصول إلى حل ابداعي مقبول للجميع، وهي استراتيجية تتطلب قدرًا كبيرًا من الالتزام، ولا تصلح لجميع الصراعات، وتكون مجدية حينما تكون العلاقات طويلة الأجل هي الأهم ومهمة العمل قصيرة الأجل اقل أهمية.

5️⃣ التنافس

وتقوم على أن ينتصر أحد الأطراف ويحقق أهدافه بغض النظر عن موقف الطرف الآخر، تنجح هذه الاستراتيجية مع النزاعات المحدودة، وهي عكس استراتيجية التعاون تكون ناجحة عندما تكون المهمة  قصيرة الأجل هي الأهم من العلاقات طويلة الأجل.

اقرأ أيضًا: استراتيجية المحيط الأزرق : كيف تُحَلّق بعيدًا عن المنافسة؟

متى تحيل مشكلة الصراع لجهات خارجية؟

هناك صراعات ذات ارتباطات وعمق معقد يجعل من الصعوبة بمكان حلها تحت سقف المنظمة، فيصبح من الحكمة احالتها لجهات خارج المنظمة للتدخل، مثل القضايا المرتبطة بـ:

  • التحرش بأنواعها.
  • التمييز والتنمر.
  • الجنايات.
  • مشكلات العمل ذات الامتداد العائلي.

ختامًا فإن التعمق في دراسة فنون إدارة الصراع التنظيمي من أولويات مدير الموارد البشرية الناجح وهي مهمة ذات عمق قيادي، ترتبط أيضا بمستوى ممارسة قيادة المنظمة لمهامها.

فهل تتبنى الشركات والمنظمات المحلية استراتيجيات إدارة صراع سليمة؟

الصورة البارزة : Business photo created by master1305 – www.freepik.com

Rating: 3.8/5. From 4 votes.
Please wait...

أحمد باحصين

استشاري تخطيط استراتيجي اخصائي تطوير مؤسسي متخصص في التدريب القيادي والاداري وتقديم وإعداد برامج الموهوبين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى