الإدارةالقيادة

المدير الذي يخشاه الذكاء الاصطناعي في 2026

3 مهارات بشرية لا يمكن للآلة استبدالها

Rating: 5.0/5. From 3 votes.
Please wait...

بحسب تقديرات بحثية لغولدمان ساكس، قد تُعرِّض موجة الذكاء الاصطناعي التوليدي ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل للتغيير أو للأتمتة على مستوى العالم.

رقم كهذا كفيل بأن يرفع ضغط أي مدير… أليس كذلك؟

لكن الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون: الذكاء الاصطناعي لا يأتي لينتزع وظيفتك، بل لينتزع المهام التي تُحوِّلك إلى “روبوت” بشري: تقارير روتينية، تلخيصات متكررة، جداول لا تنتهي، ورسائل بريد تُكتب بنَفَسٍ واحد كأنها صادرة من آلة (وهي غالبًا كذلك!).

الذكاء الاصطناعي بارع في الإجابة والتحليل، لكنه يتعثر أمام مهارتين “إنسانيتين” من الطراز الثقيل: طرح الأسئلة الصحيحة وإصدار الحكم الرشيد. وفي عام 2026 لن تُقاس قيمتك بما تعرفه من معلومات، بل بحكمتك في التصرّف حين تغيب المعلومات. نحن أمام معادلة جديدة: الآلة تفوز في سباق “الذكاء”، لكن الإنسان ما يزال يملك أفضلية واضحة في سباق “الوعي”.

خلاصة المهارات الثلاث بسرعة

  • الحكم الأخلاقي في المناطق الرمادية
  • الذكاء العاطفي والتفاوض الاجتماعي
  • التفكير الاستراتيجي: من الصفر إلى الواحد

المهارة الأولى: الحكم الأخلاقي في المناطق الرمادية

يُوصَف الذكاء الاصطناعي بأنه “ثنائي” (Binary): يميل للتعامل مع الأمور بمنطق أبيض/أسود. كما أنه يعتمد على بيانات تاريخية قد تحمل تحيزات قديمة بملابس جديدة.

قد يبدو هذا ممتازًا عندما تكون الخيارات منطقية ومحددة، لكنه يصبح ضعيفًا عندما تتسع “المساحات الرمادية”، مثل:

  • نزاع بين موظفين (من المخطئ؟ ومن المتألم؟)
  • قرار تسريح أو تخفيض رواتب (العدالة أم الاستدامة؟)
  • مفاضلة بين الربح والقيم (السمعة أم الأرقام؟)

وهذه—غالبًا—هي طبيعة العمل الإداري الحقيقي.

ما لا تُجيده الخوارزميات هو قرارٌ “غير مثالي حسابيًا” لكنه “صائب إنسانيًا”: أن تتنازل عن مكسب قصير لحماية روح الفريق، أو تؤجل قرارًا حاسمًا لأن توقيته سيكسر الثقة، أو تختار الحل الأقل ضجيجًا حفاظًا على سمعة المؤسسة.

المدير الذي يخشاه الذكاء الاصطناعي هو من يُتقن: “متى نكسب؟ ومتى ينبغي أن نخسر بشرف؟”

إذا كنت مهتما بمسألة القيادة في حالات الغموض انصحك بقراءة هذا المقال : القيادة في عالم التعقيد والغموض VUCA Prime

المهارة الثانية: الذكاء العاطفي والتفاوض الاجتماعي

نعم، تستطيع الخوارزميات تحليل المشاعر (Sentiment Analysis)، لكنها لا تستطيع أن تشعر، ولا أن تبني ثقة من العدم.

القيادة ليست “تعليمات”، بل علاقة تأثير لها جذور وجدانية:
لا نتخيل موظفًا يتبع “خوارزمية” بشغف… لكنه قد يتبع قائدًا يمنحه أمانًا نفسيًا ويقرأ ما لا يُقال بصوتٍ عالٍ.

هنا تظهر قيمة المدير في مهارات مثل:

  • الإقناع دون ضغط
  • احتواء الموظف المُحترق وظيفيًا قبل أن ينطفئ تمامًا
  • قراءة لغة الجسد و”ما بين السطور” في الاجتماعات
  • التفاوض الاجتماعي: تهدئة التوتر، بناء التحالفات، وإدارة الاختلاف دون تكسير العلاقات

حصن المدير الأخير ليس جدول الإكسل… بل قلبه وعقله حين يقف الفريق على حافة الانقسام.

المهارة الثالثة: التفكير الاستراتيجي “من الصفر إلى الواحد”

قد يدهشك الذكاء الاصطناعي بتوقعات مستقبلية وأفكار تبدو عبقرية، لكن عند التأمل ستجد أن كثيرًا منها مبني على:

  • أنماط سابقة
  • مسارات تاريخية
  • حالات مشابهة “حدثت من قبل”

بمعنى آخر: هو ممتاز في تحسين ما هو موجود… لكنه محدود في تخيّل ما لم يوجد بعد.

أما المدير القائد فيستطيع أن يصنع رؤية (Vision) لا توجد بيانات كافية لدعمها الآن، لكنه يرى “الاتجاه” قبل أن يتحول إلى “أرقام”. وهنا نقطة الفصل:

  • سؤال “لماذا؟” شأنٌ بشري (معنى، بوصلة، غاية).
  • سؤال “كيف؟” يمكن للآلة أن تُبدع فيه (تنفيذ، تفصيل، تسريع).

إشراك الذكاء الاصطناعي في التنفيذ لا يُنقص من دورك؛ بل يرفعه… بشرط أن تكون أنت صاحب الرؤية والحكم.

اقرأ ايضا: مؤشرات الأداء الرئيسية Key Performance Indicator (KPIs)

ليس “الإنسان ضد الآلة” بل “الإنسان المُعزَّز بالآلة”

تحدي 2026 ليس أن تنتصر على الذكاء الاصطناعي، بل أن تمنع الذكاء الاصطناعي من جعلك نسخةً باهتة من نفسك.

تأمين المستقبل الوظيفي للقادة والمديرين يتطلب أمرين واضحين:

  1. توقّف عن منافسة الآلة في ملعبها: البيانات، الجدولة، التقارير الروتينية.
  2. وطوّر مهاراتك التي لا تُنسخ بسهولة: الحكم الأخلاقي، الذكاء العاطفي، والرؤية الاستراتيجية.

إذا أردت وصفًا مختصرًا للمدير الذي “يخشاه” الذكاء الاصطناعي:
هو المدير الذي يستخدم الذكاء الإصطناعي كأداة… لا كبديل.

ملحوظة واعتذار: أعرف أنه مضى الكثير من الوقت -ستة أشهر- منذ نشرت آخر مقال. وانقطعت بعدها لظروف قاهرة لعل عودتنا هذه المرة تكون جبرا لما فات، شاكرا لكل الذين تواصلوا وسألوا من قراء المدونة الأوفياء والشكر لك أنت يامن أكملت قراءة هذا المقال حتى وصلت إلى هذا السطر 😉

Rating: 5.0/5. From 3 votes.
Please wait...

أحمد باحصين

استشاري تخطيط استراتيجي اخصائي تطوير مؤسسي متخصص في التدريب القيادي والاداري وتقديم وإعداد برامج الموهوبين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى