أودع الله سبحانه وتعالى في الإنسان قوة هائلة وطاقة ضخمة، قل من الناس من يعرف سرها أو يستخدمها، حتى قال بعض الباحثين إن الطاقة الموجودة في جسم الشخص الواحد قادرة على إضاءة مدينة كاملة لمدة أسبوع!
هذه الطاقة الهائلة هي جزء بسيط مما أودعه الله سبحانه وتعالى في أجسامنا وتمكنا من معرفتها عن طريق البحث العلمي كما عرفنا غيرها ويبقى غيرها في إطار المجهول بالنسبة لنا، فسبحان الخالق عز وجل.
لكن الإنسان حينما يجهل هذه القدرات الكامنة يكون حاله كحال ذلك النسر الذي عاش بين الدجاج واكتشف في وقت متأخر أنه “نسر” وليس “دجاجة”. وهذا الجهل يلحق الكثير من الضرر بحياتنا وأجسامنا، فينهار بعض الناس أمام مشكلات الحياة المختلفة.. المشكلات العائلية والزوجية، مشاكل العمل، تكاليف الحياة المعيشية، أو المشاكل الصحية.
فكل هذه المشاكل تتسبب بنسب متفاوتة في استهلاك أجسامنا وطاقاتنا، وهذا الأمر يشعر به الإنسان بعد موجة من الغضب انتابته أو بعد ساعات من القلق والتوتر فيجد أن جسمه منهك منهار وكأنه كان يحمل أطنانا من الأثقال أو كأنه بذل مجهوداً عضلياً شاقاً، وهذا يفسر لنا الرغبة الشديدة للنوم بين نوبات القلق أو الغضب الشديد.
ولا شك أن لهذه النوبة أو الشدة أثرها الذي قلما يمحى على قدراتنا الجسمية والعقلية، ومن هذا الباب يقول كثير من الباحثين أن أصحاب المهن العقلية والأعمال التي تتطلب التعرض للمشاكل والأزمات هم أقل الناس أعماراً “والأعمار بيد الله”.
إذن كيف يمكننا مقاومة استهلاك أجسامنا وطاقاتنا؟! أو على الأقل التقليل من أثر الضغوط النفسية و المشكلات المختلفة..
صحيح أن الأمر يتطلب قدراً كبيراً من “الإدراك” والذي تحدثنا عنه في مقال سابق وهو باختصار أن تعرف أنك واقع في أزمة وأنك بحاجة لتغيير طريقة تصرفك وتعاطيك معها فوراً.. وبلا تردد. أما الذي يعتبر الصراخ وعلو الصوت واحمرار الوجه والعينين وانتفاخ الأوداج أمر لابد منه ليثبت قوة شخصيته في مواجهة المشكلات فهذا بحاجة أولاً لتغيير تصوره وقناعاته أولاً قبل أن يكمل معنا.
لابد أعزائي القرّاء أن ندرك أننا في حالة غضب ــ في حين الغضب نفسه ـــ فنبادر نحو التصحيح مباشرة قبل أن يقضي الغضب على قدراتنا وقوتنا، ونطبق فور التوجيه النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والوضوء ثم الجلوس أو الاضطجاع، وهذه التوجيهات هي أصل أصيل في “مقاومة الاستهلاك”، كذلك أثناء جلوسك أو اضطجاعك ومع الإكثار من الاستعاذة والاستغفار حاول أن تتنفس بشكل صحي فتأخذ قدراً كافياً من الأكسجين وتخرجه ببطء من الفم وطريقة ذلك أن تسحب الأكسجين بالأنف في مدة العد من 1ـــ 5 ثم تبقي الهواء مدة العد 1ـــ3 في جوفك ثم تخرجه دفعة واحدة من الفم وتكرر العملية عدة مرات عند الحاجة مع تغيير طريقة إخراج الهواء دفعة واحدة بإخراجه ببطء مثلا خلال العد من 1ـــ 4 وذلك بعدة مرات من تطبيق الطريقة الأولى.. وفائدة هذه العملية هي أن يتاح المجال للجسم ليأخذ حاجته من الأكسجين فتسترخي العضلات ويهدأ فوران الجسم ويحس الإنسان أن دلواً من الماء البارد قد سكب على جسمه، ثم بعد ذلك أكثر من حمد الله والثناء عليه.
وقد يقول أحدهم أن المشكلة تظل قائمة لم تتغير أو تحل!. نعم هذا صحيح لكننا فقط قمنا بتهيئة الجسم والعقل ليكون في الوضع الصحيح لاتخاذ القرار الصحيح.
بقيت خطوة هامة جداً وهي تخلصنا من السرحان والشرود الذهني والتفكير المستمر في المشكلة هو أن نخرج هذه المشكلة من أجسامنا وعقولنا ونكتبها على الورق.. باختصار اكتب كلمات المشكلة أو ارسم شكلاً أو أشكالاً تعبر عن المشكلة.