اللَّهمَّ انصر إخواننا في فلسطين وفرّج همهم وأكشف كربتهم وأخذل عدوّهم

الإدارة

لماذا تفشل الدورات التدريبية؟

Rating: 5.0/5. From 2 votes.
Please wait...

دار نقاش في إحدى مجموعات الواتساب؛ حول جدوى الدورات التدريبية، وضرورة إجراء مراجعات لأهميتها، ووضع مؤشرات حقيقية لقياس أثرها.

ومع استمرار النقاش وجدت أن من الأهمية أن افرد لذلك مقالا، أبين فيه وجهة نظري، من خلال خبرتي العملية في التدريب الإداري مدربا ومتدربا، خلال أكثر من خمسة عشر عاما.

ليسوا سواء

بداية فإن الحكم بإطلاق أن الدورات التدريبية دائما تفشل في إحداث الأثر المنشود، تعميم خاطئ، فبعضنا لازال يتذكر بعض الدورات التي أحدثت أثرا عميقا في نفسه، وغيرت من نمط تفكيره، أو غيرت من أساليب عمله، أو ساهمت في زيادة إنتاجيته.

لكنها تفشل!

تقول بعض الدراسات أن أثر الدورات التدريبية لا يتجاوز 4 % في أحسن الأحول، بحسب ما نقله د. طارق السويدان، وهي نسبة ضئيلة، مقارنة بحجم الأثر المتوقع، وبالطبع توجد أساليب تدريب أخرى تعطي نتائج أكبر من الدورات، كالتدريب على رأس العمل مثلا.

لك أن تتخيل معي أن 96% من الجهد التدريبي يضيع هباء، ومعه هدر للوقت والمال.

أنماط المدربين

حضرت العديد من الدورات لمدربين متفاوتي الأداء، منهم الممل إلى حد انه يمنحك فرصة للنوم العميق بلا إزعاج?، ومنهم “الفرفوش”؛ الذي تجد في دورته المتعة والتسلية والنكات، لكن عندما تعود إلى بيتك تجد أن حصيلتك لا شيء! ?.

 وآخر يشحنك حماسا وتحفيزا ويقول تخيل أنك سوبر (مان) وتجري على الجمر وتظن نفسك فعلا سوبر (مان) لتعود إلى بيتك وتكتشف أنك مجرد (مان) مضحوك عليه ??.

وصنف آخر أسميه “قارئ الشرائح” أو سمه “شارح المتون”، حيث تتسمر عيناه على الشرائح، ويقرأ منها فإذا كلَّ أو تعب انتدب أحد المتدربين للقراءة، ربما علق على بعض الشرائح ببعض الجمل والكلمات “خارج النص المكتوب”، فهو يرى قدسية الشرائح وأنها يجب أن تُقرأ نصاً، حتى لا يفوت المتدرب منها شيء!

وصنف أترك لك -عزيزي القارئ- تسميته وهو ذلك الذي يقتطع من وقت الدورة وقتا طويلاً يحدثك عن سفراته و(تجاربه)، وكيف وقفت معه أم (فلان) في مسيرته العلمية، كل ذلك في إطار فقرة (التعريف بالمدرب)، وقد حضرت لأحدهم فكانت الدورة ثمان ساعات، أخذ منها ساعة في اليوم الأول وساعة في اليوم الثاني يحدثنا عن نفسه! أعتقد إن هذا من هضم حقوق المتدربين في وقتهم التدريبي، وان كانت هناك تجارب للمدرب يجب أن تروى -وهي هامة لا شك- فلتكن ذات ارتباط بموضوع التدريب، عدا ذلك بإمكانك -عزيزي المدرب- أن تضعه ضمن سيرتك الذاتية المرفقة بالمادة التدريبية.

وعشرات الأصناف الأخرى من المدربين لا حصر لها.

والصنف النادر هو الذي نريده جميعاً، نريد المدرب الذي يتعامل مع التدريب كمهمة ورسالة ومهارة، يستطيع من خلالها إحداث الأثر المتوقع، ويخرج منها المتدرب بحصيلة قناعات ومعلومات ومهارات قادرا على تطبيقها.

لماذا تفشل الدورات؟

أرى من الغبن حصر أسباب فشل الدورات في سبب واحد أو طرف من اطراف التدريب، فالتدريب عملية تكاملية، يشترك فيها المدرب والمادة التدريبية والجهة طالبة التدريب والمتدربين أنفسهم، وبيئة التدريب..الخ

أسباب فشل الدورات التدريبية من جهة المدرب

 في رأيي يتحمل المدرب القسط الأكبر من نجاح أو فشل التدريب، لأن أغلب عناصر عملية التدريب تحت تصرفه، وحتى تلك المتعلقة بجهة التدريب؛ فإن بإمكانه أن يشترط لنفسه فيها ما يشاء.

 ويمكن إيجاز أسباب فشل التدريب من جهة المدرب في الآتي:

  1. ظاهرة المدرب السوبر (بتاع كله?‍?)، الذي يدرب في أي مجال يطلب منه، في الإدارة والتربية ومجال الأسرة والعلاج النفسي والمال والاستثمار، ولا تسمع منه أبدا عبارة (هذا ليس تخصصي).
  2. لا يملك المدرب مهارة أو خبرة أو شهادة علمية في المجال أو الموضوع الذي يدرب فيه.
  3. ضعف أداء المدرب من حيث مهارة الإلقاء وتبسيط المعلومة وتنويع أساليب العرض، فليس كافياً حضورك لدورة تدريب المدربين لمرة واحدة أو حتى مرتين لتكون مدرباً، لابد من صقل مهاراتك وخبراتك، والتمكن من الأساليب التدريبية المختلفة.
  4. ضعف التحضير والخلفية النظرية والعلمية عن الموضوع.
  5. إدارته للتدريب بأسلوب المحاضرة وتقليب الشرائح.
  6. قلة أو عدم وجود التدريبات العملية المرتبطة بالموضوع، فلا يكفي تمارين كسر الروتين؛ بل لابد من منح المتدرب فرصته ليطبق ما تعلم (تحت إشراف المدرب).
  7. تقليص الوقت المطلوب للدورات، فالدورة التي تحتاج (8) ساعات تُختَصر في (ساعتين?)، والدورة التي تحتاج (20) ساعة أصبحت تقدم في (4) ساعات❗ وغالبا يكون ذلك بناء على رغبة الجهة التي طلبت الدورة، (ما يطلبه المستمعون?)، والذي ينبغي أن يدركه الجميع؛ هو أن تحديد الزمن يقع على عاتق المدرب بالدرجة الأولى، كونه الملم بالمحتوى التدريبي، والزمن المطلوب لتنفيذه.
  8. سوء تحضير المحتوى التدريبي، وربما أخذه المدرب جاهزاً من الإنترنت؛ أو من مدرب آخر، ولم يُجرِ عليه أي تعديل أو إضافة فيتفاجأ ببعض المصطلحات التي لا يعرفها، فيشرحها بطريقة خطأ (لكن سيدرك المتدربون الخطأ وهو لايدري?).
  9. لم يبذل المدرب جهده في تطويع المحتوى التدريبي، وربطه بواقع المتدربين وبيئة عملهم.
  10. المدرب (الصنائعي) الذي لازال يفكر بعقلية (سر المهنة ?)، فلا ينفتح مع المتدربين ويجيب على أسئلتهم بشفافية وصدق، خصوصاً فيما يتعلق بمراجع ومصادر الموضوع. وحتى نكون منصفين لا يدخل في هذا (بالطبع): طلب مادة العرض الباوربوينت لأنها غالباً من الحقوق الأدبية للمدرب، مادام المدرب قد وزع المادة العلمية للدورة.
Hand photo created by wavebreakmedia_micro – www.freepik.com

أسباب تتعلق بالمادة التدريبية:

ويمكن تلخيصها في الآتي:

  1. ضحالة المحتوى التدريبي وضعفه، ويرجع ذلك لقلة المراجع التي اعتمدها معد المحتوى.
  2. لم تشبع المادة بخبرات وتجارب ونماذج عملية من الواقع.
  3. إخراج الشرائح السيئ، وحشد الكثير من النصوص في الشريحة الواحدة، حتى لا يكاد النص يُقرأ، أو الاختيار السيئ للألوان والخطوط والصور.

اقرأ أيضا: استراتيجية المحيط الأزرق : كيف تُحَلّق بعيدًا عن المنافسة؟

أسباب لدى الجهة طالبة التدريب والمتدربين:

  1. لم تقم بدراسة الاحتياج التدريبي، ولم تحدد على إثره مستويات الممارسة في موضوع التدريب.
  2. ضعف الإلمام بطرق اختيار المدرب المناسب لكل موضوع.
  3. عدم طلب محاور الدورة من المدرب قبل الدورة، والتأكد من وملاءمتها للاحتياج التدريبي، فكثيراً ما يتفاجأ المتدربون أن المدرب يغرد خارج سربهم، وطلب محاور الدورة يقي من هذه المشكلة، أو يحد منها، ويحق للجهة طالبة التدريب طلب إضافات أو تعديلات من المدرب بما يتلاءم مع متطلبات متدربيهم.
  4. عدم الاهتمام بقياس أثر التدريب والعائد على الاستثمار في التدريب، فالعملية التدريبية عندهم تنتهي بتوزيع  الشهادات? للأسف.
  5. عدم توزيع المادة العلمية للمتدربين، بحجة ضعف الإمكانات مما يؤدي لانشغال المتدربين بالكتابة، فيفوتهم الكثير.
  6. حشد عدد كبير من المتدربين أكثر مما تحتمله طبيعة الدورة.
  7. عدم اختيار المتدربين وفق أسس سليمة وعادلة، فيتم ترشيح بعض الأفراد لدورات لا علاقة لها بمجال عملهم، خصوصاً في الدورات التي يحصل فيها المتدربون على مقابل مادي، فيتم ترشيح فلان ليُحسّن وضعه المالي، أو لأنه قريب المدير، ويستثنى من هو مستحق، فقط لأنه ليس مقرباً من المدير، أو أنه من (المغضوب عليهم?).
  8. ضعف الدافعية للتعلم والتطوير لدى المتدربين، واعتبار حضور الدورات نوع من التكاليف الإدارية الثقيلة على النفس، خاصة إذا كانت دون مقابل?.
  9. ضعف التفاعل مع الأنشطة العملية التي يطرحها المدرب، وعدم تنفيذ التكاليف المطلوبة خارج قاعة التدريب، فيحدث أن يطلب المدرب إعداد بحث مصغر، أو إعداد نماذج معينة، فلا يتفاعل معه إلا عدداً محدوداً من المتدربين.

لابد من إكتمال دورة حياة التدريب

العملية التدريبية منظومة متكاملة، تبدأ دورة حياتها بتحليل وتحديد الاحتياجات التدريبية، وتنتهي بقياس وتقييم الأثر، وتعود الدائرة لتلتحم عند عملية تحليل الاحتياج التدريبي مرة أخرى، وبينهما سلسلة من العملية والإجراءات؛ التي يفهمها تماماً المدربون ومديرو الموارد البشرية، فلنمنح التدريب حقه في استكمال دورة حياته إن أردنا أن نحصد ثماره.

قد يظن البعض أني وضعت أنموذجا مثالياً وحمّلت المدربين أكثر مما يحتملون، لكن مسؤوليتنا جميعا مدربين ومتدربين أن نحرص على جودة التدريب بكل السبل، وفي خطتي أن أكتب مقالا خاصا لمراكز التدريب وكيف تستطيع تنظيم دورة تدريبية ناجحة.

حتى ذلك الحين – عزيزي القارئ- هل توافقني فيما كتبت من أسباب فشل الدورات التدريبية في إحداث الأثر المطلوب؟

شاركني رأيك في التعليقات..

الصورة الرئيسية في المقال : Education photo created by master1305 – www.freepik.com

Rating: 5.0/5. From 2 votes.
Please wait...

أحمد باحصين

استشاري تخطيط استراتيجي اخصائي تطوير مؤسسي متخصص في التدريب القيادي والاداري وتقديم وإعداد برامج الموهوبين

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. مقالة مميزة

    أصبت الهدف أستاذ احمد

    Rating: 5.0/5. From 1 vote.
    Please wait...
  2. شكرا لتعليقكم استاذ طلال

    Rating: 5.0/5. From 1 vote.
    Please wait...
  3. أجاب هذا المقال على السؤال كان عندي
    ?

    Rating: 5.0/5. From 1 vote.
    Please wait...
    1. سعيد لقراءة تعليقكم شكرا لك..

      No votes yet.
      Please wait...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى