يقدم كتاب ثورة الفن نظرة جديدة للعمل بإبداع وشغف، ويؤطر لها بمصطلح ثورة الفن، سأستعرض في سطور قليلة ذلك الكتاب للمدون والكاتب السعودي: أحمد مشرف، فلنبدأ على بركة الله.
محتويات المقال
نظرة عامة للكتاب
للوهلة الأولى حينما لا يكون لديك فكرة مسبقة عن محتوى الكتاب -ومن تصميم غلافه الجميل و(الثوري)- يقفز إلى ذهنك أن الكتاب سيحدثك عن الفن بمفهومه الشائع، وتتبدد تلك الفكرة الأولى حين تبدأ بالمرور السريع على مواضيع الكتاب ومحتواه.
لغة الكتاب سهلة وسلسلة، مما يساعد القارئ على سرعة القراءة؛ والاسترسال فيها دون الوقوف لمحاولة فك الرموز أو المصطلحات؛ كما يحدث عند قراءة بعض الكتب.
انطباع شخصي:
مع بدايتي في قراءة الكتاب وحتى ربع الكتاب تقريبا تكوّن لدي انطباع أولي أن الكاتب يكتب بأسلوب (التنمية البشرية) في موضوع يستحق أن يصاغ بأسلوب آخر، فكثرة الحديث عن رواد المال والأعمال الأجانب؛ الذين تتكرر قصصهم في كتب ودورات التنمية البشرية لم تعد تستهويني، بل قد تأتي بنتائج عكسية معي وربما مع غيري أيضا.
وأظن أن عالمنا وواقعنا العربي والإسلامي لم يجد فرصته للظهور كما يجب، وإلا لوجدنا من النماذج ما يحير ذوي الألباب.
المهم يا صديقي فقد استمريت في قراءة الكتاب، على غير عادتي في مثل تلك الحالة، وبدأت بعض الأفكار الجديدة والرائعة بالظهور. وكنت قد احترت هل أظهر فقط ما جذبني من أفكار الكتاب؛ أم أضع ملخصًا سريعًا واترك للقارئ الكريم اختيار ما يريد، فاخترت الأخيرة بالطبع، فما جذبني ربما لا يكون جاذبًا لك أيضًا.
اقرأ أيضا : رواية الخيميائي.. قراءة سريعة
الفن الذي نحدث به الثورة:
بعيدًا على التعريفات المطولة للفن، يتحدث الكاتب عن العمل برؤية إبداعية وشغف بوصفة (فنًا) يحدث ثورة في مجاله، فيضع الكاتب فكرة أن تكون فنانًا؛ لا يعني بالضرورة أن تكون رسامًا أو نحوها من الفنون الشائعة، بل أن تتخلص من صفة الموظف الذي يعمل ما هو مطلوب منه من المهام والواجبات؛ إلى مستوى العمل بعاطفة كبيرة؛ دون البحث عن خارطة طريق أو قواعد معينة تلتزم بها لتأدية العمل.
فالفن باختصار هو أن تعمل ما لا يستطيع أحد أن يخبرك كيف عليك القيام به، وهو بنفس الوقت تحمل المسؤولية، وتتحدى الوضع الراهن لإحداث تغيير في العمل والناس.
الفن عبر التاريخ:
يشير الكاتب إلى الفن لم يظهر إلا في عصر النهضة، وأن الفنان هو الذي أوجد تلك المصانع وبذلك هو من صنع الفرق، (وهنا أسجل تحفظي على هذه النقطة).
وما بعد الثورة الصناعية أصبح لزامًا على العاملين التقيد بالتوجيهات والقواعد، فإما أن تكون فنانا تصنع الفرق وتبتكر وهي مرتبة صعبة المنال، وإما أن تكون تحت رحمة مدير الإنتاج وتتقيد بالتعليمات بشكل يومي، وإذا وجد العامل الأرخص منك فسيتم استبدالك سريعًا ودون تردد.
ما هي صفات الفنانين؟
يتميز الفنانون بجملة من الصفات أهمها:
✨ العمل بهدف لتحيا بهدف:
حيث يعمل الفنان دون تراجع ولا كلل واضعًا نصب عينيه هدفه ورؤيته. وضرب الكاتب مثلا بـ (جيف بيزوس) مؤسس أمازون، حيث عمل على إدارة أمازون عشر سنوات متتالية من 1994-2004 دون تحقيق أي أرباح، فكيف له بهذا الصبر على العمل هذه السنوات الطوال؛ دون أن يفقد أمله وثقته في أهدافه. لتبدأ بعدها الأرباح المهولة تدر عليه من أمازون ليكون أحد أضخم متاجر العالم أن لم يكن أضخمها على الإطلاق.
✨المخاطرة:
فلا يمكن أن ينجح الفنان في تحقيق أهدافه دون مخاطرة، فهي ضريبة الفن التي تقود للنجاح، ينطلق الفنان في المخاطرة؛ يحدوه التفاؤل والثقة أنه سيصنع حياة أفضل ويغير واقعًا.
وقد حدد الكاتب مجموعة سمات مشتركة لدى أغلب الفنانين وهي التي صنعت تميزهم وهي:
- التخلص من الخوف.
- قرار البداية.
- الحياة من أجل الهدف.
وكذلك استقلاليتهم في أسلوب التفكير، بعيدًا عن الأنماط
المتوارثة من الآباء، وابتكار طرق تفكير خاصة بهم.
وفوق ذلك يضع الفنان لنفسه قواعد صارمة تبعده عن المزاجية، وتضبط إنتاجيته، وتضمن سيره بانتظام نحو هدفه.
القناعات الثمان للفنانين:
يعيش الفنانون بـ 8 قناعات يصنعون بها الفرق:
1. لا وجود للإلهام:
فالإلهام إنما يأتي مع العمل المستمر، والرغبة الجامحة لتحقيق الهدف، فالإلهام في حقيقته هو نتيجة ومكافأة على العمل والتفكير المتواصل.
2. الحب:
حب العمل والإنتاجية، وحب الفنانين أصحاب الإنجازات، وحب الحياة التي تمنح الفنان الكثير ليبتكر ويبدع.
3. العمل المتواصل (الروتين):
الفنانون يصنعون روتينهم الخاص، وإن شئت فقل يبنون عادات إنتاجية يومية، تقود في المحصلة نحو الهدف.
4. الغزارة:
بحسب (مالكوم جلادويل) أن على الإنسان ممارسة المهارة أو العمل لفترة لا تقل عن (10000) ساعة حتى يكون محترفًا فيه. وهذا يستلزم من الفنان التغلب على الخوف، وتقبل الانتقاد، ومن ثم الوصول إلى الـ 10000 ساعة.
5. تسعة من أصل عشرة محاولات تفشل:
وهي تكاد تكون حقيقة تنطبق على كل المجالات، ولو كانت أغلب المحاولات تنجح؛ لكثر عدد الناجحين ولن يكون هناك معنى للتميز.
6. الاستلام والتسليم في الفن:
إلزام النفس بالاستمرارية في التعلم، رغما عن الملل والتعب؛ حتى تصل لأسرار الفن والمجال، وقد عبر عنها (ستيفن كوفي) في تحفته (العادات السبع) بعادة (اشحذ المنشار).
7. المقاومة:
قاوم الملهيات بأنواعها، وقاوم المشاعر السلبية التي قد تعتريك؛ كخوف الفشل وتعليقات الآخرين السلبية.
8. المشي والرياضة:
المشي طريقة جيدة لتصفية الذهن، واستثارة العقل والهروب من الصخب، والتخلص من الطاقة السبية، لهذا فهي عادة مشتركة بين أغلب الفنانين.
كذلك حصول الجسم على القدر الكافي من النوم، والنوم المبكر يتبعه الاستيقاظ المبكر.
ماذا بعد ثورة الفن؟
نحن أمام عالم مفتوح على مصراعيه، يتيح الفرص لأكبر عدد من الناس ليكونوا فنانين، ففي عالم نشر الأفكار أصبح بإمكان أي شخص أن ينشر أفكاره، عبر مواقع التواصل، أو عبر المدونات، أو حتى عبر الكتب الإلكترونية، بعيدا عن تعقيدات الناشرين، ورقابتهم المجحفة.
الخلاصة سيأتيك الحظ:
مسار الفن يبدأ بالتعلم والصبر عليه، وإذا ما صرت فنانا صعُب الاستغناء عنك. ولتعيش الحياة التي تتمناها وتعيش الحياة مع فنك.