اللَّهمَّ انصر إخواننا في فلسطين وفرّج همهم وأكشف كربتهم وأخذل عدوّهم

الإنتاجية

التفكير الزائد [Overthinking] وكيف تتخلص منه؟

Rating: 5.0/5. From 1 vote.
Please wait...

يقول أحدهم: كيف أخرج من متاهة أفكاري؟، إنها متاهة طويلة؛ متشعبة الطرق، يكفي فقط أن يدفعني أحدهم نحو الخطوة الأولى منها بكلمة ذات دلالات محتملة، أو حتى مجرد نظرة حمالة أوجه، أو ربما مجرد خبر في التلفزيون؛ عن نفاذ مخزون القمح في العالم بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، أو قرار ما يجب أن أتخذه، تبدأ بعدها قدماي بالانزلاق وراء عقد متنوعه من الأفكار والاحتمالات السلبية، وكل عقدة منها تفتح لي أبوابًا لمسارات أشد تعقيدًا، لينتهي بي المطاف وأنا في حالة يرثى، لها فلا أقدر على التركيز؛ ولا أهنأ بنوم، وأشعر بالآلام تثقل كل جزء من جسدي، حتى لا يقوى على الحركة. إنه الفكير الزائد ياسادة ويعرف عند المتخصصين ب (overthinking)

ما هو التفكير الزائد (فرط التفكير) overthinking؟

هو المبالغة في التفكير؛ في أمر أو عدة أمور؛ لمدة طويلة وهو نوعان:

  • التفكير الاعتيادي والطبيعي، وهو لدى غالب الناس، ويحدث عندما يهِمُّ الإنسان باتخاذ قرار ما، وعلى قدر أهمية القرار يكون حجم التفكير.
  • التفكير غير الطبيعي، هو أن يطيل التفكير في الأحداث والمواقف الماضية، وتحليلها وتأنيب الذات حول بعض الألفاظ؛ أو المواقف السابقة، أو القلق من المستقبل.

اقرأ أيضًا: كيف تدير المواهب بمنظمتك باستخدام مصفوفة الصناديق التسعة The 9 Box Grid ؟

ماهي أسباب التفكير الزائد؟

نمط التفكير

فالشخص ذو التفكير التحليلي أكثر عرضة للتفكير الزائد، فهو يمعن في تفسير وتحليل الأشخاص والمواقف والأحداث، ويرهق نفسه لاستشراف المستقبل؛ بشي من القلق؛ في ضوء ما خرج به من تحليل

الأزمات والصدمات السابقة

التي أصبحت تمثل مرجعية للتفكير لدى المرء، فيتردد كثيرًا ويفكر بعمق، كي لا تتكرر معه آلام تلك الصدمات والمواقف.

المثالية وسقف التوقعات العالي

 يضع بعض الناس صورة ذهنية غاية في المثالية عن الأفراد والمواقف، ويبني عليها توقعات عالية السقف، سرعان ما تصطدم بالحقائق والوقائع، مما يمثل لهم صدمات متتالية، تعمّق حاجتهم للتفكير الزائد؛ في كل المواقف والأحداث والأشخاص، والتردد الشديد قبل اتخاذ أي قرار.

وجود مشكلات نفسية

كالتوتر والقلق، والوسواس القهري ،والخوف الشديد وغيرها.

ضغوطات الحياة

التعرض لضغوطات الحياة لفترة طويلة وخوض تجارب حياتية صعبة فوق الطاقة.

اقرأ أيضًا: خمسة أفكار لاستعادة التركيز عندما تصاب بالاكتئاب أو الحزن الموسمي

أضرار التفكير الزائد

أضرار التفكير الزائد

التفكير كغيره من الأعمال الذهنية والعضلية التي يمارسها الإنسان؛ والتي يجب أن تعطى حجمها الطبيعي دون إفراط أو تفريط، وعندما يتجاوز التفكير الطبيعي مدته وحجمه؛ يتحول إلى مشكلة نفسية تستوجب التدخل لإيقافها.
وفيما يلي بعض الأضرار الممكن حدوثها؛ حال الاستمرار في التفكير المفرط:

الأرق وقلة النوم

حينما يستبد بك التفكير وتتيه في متاهاته، من الطبيعي أن يصبح النوم صعب المنال، حتى وإن نمت بفعل الإرهاق؛ فلا تستطيع الحصول على جودة النوم التي تريدها، ولربما عانيت مع ذلك النوم الطفيف من الكوابيس والأحلام المزعجة.

التعرض للأمراض العقلية والنفسية

التفكير الزائد حينما يدخل المرء في دوامته، يعمل على إنهاك القوى العقلية والنفسية، ويصبح صاحبه أكثر عرضة للقلق المزمن والاكتئاب؛ واضطرابات الشخصية الحدية.

تراجع مستوى التفكير السليم والإبداع

خلافا لما تعتقده من أن التفكير الزائد قد يحسّن من جودة أفكارك، فالإفراط في التفكير ينهك القوى العقلية والإدراكية، مما يفقدك خارطة التفكير السليم، والقدرة على تنظيم الأفكار وترتيبها وتحليلها، فالأفكار (المشعبكة) محبطة وهادمة، وتجعل الدماغ يقف عاجزا عن الخروج منها بمُخرج جيد.

اضطرابات الشهية

كثيرا ما يعاني المصاب بالتفكير الزائد من حالات اضطراب الشهية، فإما أن يصاب بفقدان الشهية فلا يأكل إلا القليل، أو أن يُقبل على الأكل بشراهة، ليشغل تفكيره به، وبالطبع كلا الحالين له مضاعفات صحية.

الانطواء واعتزال الناس

عندما تفكر بإفراط تميل إلى اعتزال الناس، والانطواء على الذات للاستغراق أكثر في التفكير، وإذا استمر الأمر لفترة طويلة سيؤثر بالطبع على مهاراتك الاجتماعية والاتصالية.

وأضرار التفكير الزائد ليست محصورة فيما ذُكر، فالقائمة تضم أيضا ضعف المناعة؛ بسبب إفراز هرمون (الكورتيزول) وبالتالي التعرض للأمراض بشكل دائم، إضافة لتسريع ظهور التجاعيد، وعدد من الأمراض الجلدية، بل ذهب بعض الباحثين لأبعد من ذلك، فقد توصلوا إلى أن أصحاب التفكير المفرط أقصر عمرًا من غيرهم.

اقرأ أيضًا(النوم العميق) أهميته ودورته وكيف تحصل عليه؟

خطوات التخلص من التفكير الزائد

خطوات التخلص من التفكير الزائد

عزز صلتك بالله وساعد الآخرين

الاستعانة بالله تعالى فهو خير معين، ادع الله؛ ابتهل إليه، تصدق؛ ساعد الآخرين، فذلك مما يزيد من صلتك بالله وثقتك بعونه لك.

 وتأمل معي حديثا للنبي عليه الصلاة والسلام، يرويه أبو هريرة مرفوعًا:

«احرِصْ على ما يَنْفَعُكَ، واستَعِنْ بالله ولا تَعْجَزَنَّ، وإن أصابك شيء فلا تقُلْ: لو أنني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَرُ الله، وما شاء فعل، فإن «لو» تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم،

فالحديث واضح في النهي عن التحسر وتقليب الفكر في الأحداث الماضية، فالمؤمن يستعين بالله، وإن أصابه شيء مما يكره فليسلّم أمره لقضاء الله وقدره، وليقل: (قدر الله وما شاء فعل)، وذكر أن (لو) تفتح عمل الشيطان، ولعل من (عمل الشيطان) ما نحن بصدده من الأفكار اللامتناهية.

لا تبحث عن الكمال

التخلص من عقدة البحث عن الكمال؛ والنموذج الأمثل، فذلك شيء لا وجود له، فالبشر ليسوا كاملين، وبالتالي كل ما يصدر عنهم من أقوال ومواقف يشوبها النقص بالطبع، فمهما حاولت وفكرت ودبرت؛ لن تصل إلى النموذج الأفضل في نظر جميع الناس، ومهما كنت خلوقًا وطيبًا؛ فلن يرضى عنك جميع الناس.

 الحركة والنشاط واترك الانعزال

إذا داهمتك الأفكار التي لانهاية، كن متيقظًا وتعلّم أنه انتهى دور الفكر وحان دور العمل والحركة، اختلط بمن تحب، العب مع أبنائك أو أخوتك الصغار، انهمك في عمل جاد ومستمر، أو قم بممارسة رياضة المشي.

استرخِ وفرّغ عقلك

مارس الاسترخاء والتنفس العميق المنتظم، وتعلّم أساليب تفريغ الذهن من الأفكار، مثل أن تكتب ما يدور بذهنك من أفكار متضاربة على الورق، ثم تمزقها.

تذكر نجاحاتك

خذ ورقة وقلم واكتب فيها نجاحاتك وإنجازاتك التي تفخر بها، تذكر كم كان من حولك فخورون بك؛ وأنت تحقق تلك النجاح، عزز التفكير الإيجابي بالتفكير في النعم التي حباك الله بها؛ بينما حُرم منها الكثيرون ممن تعرفهم.

الاستشارة وطلب المساعدة

إذا لم تفلح أي خطوة مما سبق في صرف بلاء التفكير الزائد عن ذهنك، أنت بحاجة لتدخل متخصص في الطب النفسي، ليساعدك في تجاوز ما تعاني منه.

اقرأ أيضًا: هل تعاني من الاحتراق الوظيفي؟ إليك الحل

إن الفكر وإعمال التفكير نعمة عظيمة تكرم الله بها علينا معشر بني آدم، بها تطور العلم وتيسرت حياتنا، وانتظمت شؤون الدول والمجتمعات، وحتى تبقى وظيفة التفكير في إطارها المنتج والخلاق يجب التعامل معها بوعي واتزان.

Rating: 5.0/5. From 1 vote.
Please wait...

المصدر
12345678

أحمد باحصين

استشاري تخطيط استراتيجي اخصائي تطوير مؤسسي متخصص في التدريب القيادي والاداري وتقديم وإعداد برامج الموهوبين

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مقال ممتاز ,,,جدا

    No votes yet.
    Please wait...
    1. شكرا لمرورك استاذ خالد

      No votes yet.
      Please wait...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى